يعد كتاب الحيوان للجاحظ واحدا من الكتب المهمة التي تزدان بها المكتبات العربية، وهو من الموسوعات الكبيرة التي احتوت معارف شتى
،وهو كتاب طريف في موضوعه ويعد أول مصنف عربي يتناول موضوع الحيوان .
ومعروف عن الجاحظ انه لم يكن همه منصب على الجمع،والرواية، والحفظ فحسب بل همه الأكبر أن يقدم للقارئ ثقافته الطريفة، وهذا الكتاب اضخم كتب الجاحظ على الإطلاق ولعله اجلها شائنا،ويعد دائرة معارف واسعة كما يعد صورة لثقافة العصر العباسي وما كانت تزخر به بغداد من علم وثقافة ،
احتوى الكتاب على مجموعة صالحة من معارف الطبيعة ومسائل الفلسفة
وبعض أمور السياسية والجغرافيا وخصائص كثير من البلدان
وفي تأثير الحيوان والإنسان والشجر وبعض المفردات الطبية وكثير من أشعار العرب.
والكتاب ذو شقين أدبي وعلمي،وان لم تكن الحدود متميزة لدى الجاحظ
لكن بلغ من الدقة ما جعل الكتاب متميزا بمادته وفي طريقة عرضها
،فالجاحظ مثلا يمزج بين العلم والأدب في تلاحم شديد كما في قصة قاضي البصرة
التي ساقها في قالب أدبي ،واراد أن يصور في الوقت نفسه خاصية الإلحاح في الذباب .
وقد فطن الجاحظ إلى طابع الكتاب الشامل من هذه الزاوية العلمية في خطبة الكتاب
ولا يكاد يوجد حيوان في عصر الجاحظ إلا و ذكره من الفيل والتمساح
والنسر والنمل لكن لم يولِ السمك أي اهتمام ربما لان العرب لم تحفل به كثيرا فضلا عن بعده عن بيئة الجاحظ .
ويمكننا أن نرجع مادة الكتاب إلى القران الكريم والحديث الشريف
وقصص العرب والشعر العربي وبعض من الأساطير وما كان في بيئته الصحراوية من أساطير مخيفة .
غير ان الكتاب ضم موضوعات شتى قد لا تمت بصلة الى عالم الحيوان
من مثل الكلام على الشعر وترجمته او على النار والضيف او على
حفظ السر أو على صدق الظن وجودة الفراسة ، حتى إن الجاحظ نفسه يستطرد داخل الموضوع الواحد إلى اكثر من اتجاه ،فيبتعد عن الموضوع الأساس الى مواضيع فرعية .
وجملة القول إن الكتاب عالم زاخر يضطرب بمختلف صور الحياة وتتمثل فيه ألوان الفكر المختلفة في ذلك العصر وتعرض فيه لنزعات المجتمع الإسلامي ،ويظهر فيه عقل الجاحظ الدقيق النافذ وبيانه الأدبي الرفيع وذوقه الفني المرهف .