من مشاكل السفر وخاصة السفر الطويل سواء بالطائرة أو بالقطار أو السيارة هو الاضطراب في مواعيد النوم، حيث إن راحة جسم الإنسان تتكيف مع تقلب الليل والنهار، وهذا التكيف نتيجة نظام داخلي مشفر في عقل وأعصاب الإنسان ذاته، ففي ساعات الليل يشعر الإنسان بالنوم ويميل إليه، وأما في النهار، فيكون الإنسان في ذروة نشاطه، ويحافظ الجسم على هذا النظام لمدة طويلة، لذا فإن أي تغيير في تقلبات الليل والنهار ستفاجئ الجسم بما لا يعرفه، ويحتاج إلى وقت طويل لكي يتكيف مع الزمن الجديد.
لذا فإن الكثير من المسافرين يتعرضون لهذا التقلب، ففي الشرق العربي يكون الوقت ظهرا ولكن في اليابان يكون الوقت بعد المغرب، لذا فعند سفر الإنسان من منطقة الشرق الأوسط إلى شرق آسيا سيتعرض لتقلب في مواعيد الساعة البيولوجية، والتي تعتمد على الأنوار والظلمة لتنظم ساعاتها. ففي الوقت الذي تكون هي في ذروة النشاط في بلدها الأصلي، تجد الأحوال عكس ذلك، فتجد أن الظلمة تقع في ساعة النشاط حسب ساعة الإنسان المشفرة من محل إقامته السابق، وجسم الإنسان لا يتغير بهذه السهولة، فيبقى متيقظا في ساعات الراحة والنوم، ومن الصعب على الإنسان أن يذهب إلى فراشه وينام في زمن تكون ساعته البيولوجية في ذروة نشاطها.
العلاج:
وتتعرض مجلات السفر والسياحة لهذه المشكلة الصحية التي تواجه الكثير من المسافرين، ومن مراجعات عديدة لما يقدمه المسافرون من نصائح للتغلب على هذه المشكلة المزمنة، تباينت الآراء، ولكن يمكن تقسيمها إلى قسمين:
الأول: هو أن يبقى الإنسان على نظامه البيولوجي العادي، وعليه أن يحضر ساعة منبهة له وعليه أن ينام وقت نومه العادي، وكل ما عليه هو البحث عن غرفة أو مكان مظلم لينام فيه ساعاته المطلوبة، وعليه أيضا أن يحافظ على مواعيد طعامه وإفطاره في الساعات التي اعتاد عليها في بلده الأصلي، وحتى ولو تطلب ذلك أن يفطر في ساعة العصر في بلد الوصول، ويقول مقدمو هذه النصائح إنها تتناسب مع المسافرين الذين لا يرغبون في البقاء طويلا في البلد الذي يسافرون إليه، وهذه الطريقة يمكن أن تتناسب مع سفرة قصيرة لا تتعدى يومين أو ثلاثة. وأما إن كانت الرحلة تتطلب وقتا أطول فإن هذه الطريقة قد لا تصلح للاستمرار فيها لما فيها معارضة لطبيعة الأحوال في بلد الوصول.
الطريقة الثانية:
للقضاء على القلق والأرق المصاحب للسفر، ينصح الخبراء باتباع طرق عديدة، ويقدمون نصائح وتحذيرات يمكن لكل إنسان اتباعها ومنها:
1- الاحتراس من الإكثار من شرب القهوة والمشروبات المنبهة، والتي عادة تتكرم شركات الطيران بتوفيرها للركاب، وتقول النصيحة إن السفر بذاته هو منبه ومثير، وشرب القهوة أو الشاي يزيد من التوتر ومن اليقظة حتى ولو كان الجسم مرهقا، فهذه المشروبات تمنع النوم ولكنها لا تمنع الانحطاط الجسدي. مما يزيد الأمر سوءا.
2- ينصح خبراء النفس بأن على المسافر أن يغير ساعته إلى الزمن الجديد الذي وصل إليه، ولا يبقي ساعته على زمن بلد الإقلاع، لأن ذلك يوحي إلى الشخص ذاته أن الوقت لا يزال مبكرا، وليس هناك وقت للنوم، في حين أن البلد الذي وصله بدأ زمن النوم أو حان وقت الراحة الجماعية.
لذا فإن تغيير الساعة يرسل رسالة إلى عقله الباطني بأن الوقت حاليا ليس وقت بلد الإقلاع، لذا فإنه يبدأ في الاستعداد لقبول هذه الحقيقة والتعايش معها.
3- إذا دخل المسافر إلى غرفة الفندق وهو في النهار، بينما يكون الزمن ليلا في بلده الأصلي عليه أن يرخي الستائر ويظلم الغرفة، ويحاول أن ينام قليلا إن أمكنه ولو لساعات قليلة، فهذه الساعات القليلة هي التي ستعدل مسار ساعته البيولوجية. ولو وصل خلال زمن الليل في كلا البلدين البلد الأصلي وبلد الوصول، أي لو وصل بعد الغروب في حين أنه منتصف الليل في بلد الأصلي، فيجب عليه أن لا ينام حتى ولو كان متعبا، فعليه أن ينام مع ساعات النوم المعروفة في بلد الوصول، وينهض معهم مع الصباح.
4- الطعام:
لكي يحافظ المسافر على النوم بدون قلق وأرق، عليه أيضا تنظيم مواعيد طعامه، وعليه أن يأكل ثلاث وجبات في اليوم، وينصح الخبراء بأن لا تكون وجبة العشاء هي الوجبة الرئيسية لأن ذلك قد يسبب له بعض الأرق أو التقلبات المعوية، مما يصاحب الكثير من المسافرين، وينصحون بأن تكون الوجبة الكبيرة في منتصف النهار، بدلا من آخره.
5- المشي يجلب النوم:
من المعروف أن الرياضة والإرهاق الجسدي يؤدي إلى النوم، لذا فإن النصيحة التي يقدمها الخبراء لمن يرغب في النوم بدون أرق وقلق هو استخدام المشي، فإنه مفيد صحيا، ومفيد سياحيا، فالمشي وخاصة في الأسواق هو متعة وفرجة للسائح، ومنه سيعود إلى مقره متعبا ومنهكا، يحتاج الى سريره لينام.